اعداد: محمد الفحله
في بيان رسمي صادر عن حزب الله في 14 أبريل 2025، نفى التنظيم اللبناني علاقته بالتطورات الأخيرة التي شهدتها مدن الساحل السوري، مؤكدًا أن الاشتباكات الدائرة في المنطقة لا ترتبط بأي دور مباشر له. واعتبر حزب الله أن هذه المواجهات تعد الأعنف منذ الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2021، فيما تزايدت التساؤلات حول دور التنظيم في التوترات المستمرة في الغرب السوري.
الاشتباكات في الساحل السوري: خلفية الأحداث
شهدت مدن الساحل السوري، وعلى رأسها مدينة اللاذقية، اشتباكات عنيفة بين قوات النظام السوري ومجموعات مسلحة معارضة، في تصعيد وصفه العديد من المحللين بأنه الأشد منذ الإطاحة بنظام الأسد. هذه المعارك تأتي في وقت حساس بالنسبة للنظام السوري، الذي لا يزال يواجه تحديات كبيرة في تثبيت استقرار المناطق التي سيطر عليها بعد سنوات من الحرب.
منذ بداية النزاع في سوريا، لعب حزب الله دورًا محوريًا في دعم نظام الأسد عبر تقديم الدعم العسكري واللوجستي. ويعتقد العديد من المراقبين أن حزب الله كان جزءًا من استراتيجية تعزيز السيطرة على بعض المناطق السورية الحدودية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية العلوية في الساحل السوري، والتي تُعتبر حجر الزاوية للنظام السوري.
نفي حزب الله: موقف غامض
في بيانٍ له، أكد حزب الله أنه لا علاقة له بالاشتباكات الجارية في مدن الساحل السوري، نافياً كل ما يُشاع عن تدخل أو دعم مباشر من قبل عناصره في المواجهات الأخيرة. وقال المتحدث باسم الحزب: "نحن في حزب الله ملتزمون بموقفنا الثابت في دعم استقرار لبنان وحماية سيادته، ولن نتدخل في الصراعات الداخلية في سوريا أو أي صراع غير مرتبط بمصالحنا الوطنية".
هذا النفي يعكس إصرار حزب الله على الحفاظ على حياده في النزاعات الداخلية السورية، على الرغم من ارتباطه العميق بنظام الأسد منذ بداية الحرب. كما أن التصريح يثير العديد من الأسئلة حول تحركات الحزب في المنطقة، خصوصًا في ظل التقارير المتزايدة التي تشير إلى تعزيز وجوده العسكري في مناطق الساحل السوري.
التداعيات على الوضع اللبناني والإقليمي
تأتي هذه الأحداث في وقت حساس على الساحة اللبنانية، حيث يسعى حزب الله إلى توسيع نفوذه داخل لبنان وخارجه في إطار السياسة الإقليمية التي يتبعها. النفي الرسمي من قبل الحزب قد يكون محاولة للحفاظ على صورة الحياد في ظل تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية على لبنان جراء تورط حزب الله في النزاعات الإقليمية.
من جهة أخرى، يرى البعض أن هذا التصريح يمثل محاولة لتخفيف الضغط الدولي على الحزب، خصوصًا في ظل الضغوط الغربية التي تطال تنظيماته المسلحة وأذرعه العسكرية في كل من سوريا ولبنان. وقد يأتي هذا النفي أيضًا في سياق التحولات الجيوسياسية في المنطقة، حيث يسعى حزب الله إلى تأكيد استقلالية قراراته في سوريا، بعيدًا عن الاتهامات بالتصعيد أو التورط المباشر في الصراعات الداخلية السورية.
تصريحات المعارضة السورية
في المقابل، أثار نفي حزب الله تساؤلات لدى المعارضين السوريين، الذين يرون أن الحزب كان وما زال أحد الأطراف الرئيسية التي تساند نظام الأسد في صراعه ضد فصائل المعارضة. القيادي في المعارضة السورية، أحمد عبد الله، قال: "على الرغم من النفي الرسمي، هناك دلائل واضحة على مشاركة حزب الله في المعارك في الساحل السوري. إنه أمر مفاجئ أن ينفي الحزب تورطه في وقت يتزايد فيه عدد التقارير التي تشير إلى وجوده العسكري في المنطقة".
المستقبل والتحديات
إن نفي حزب الله تورطه في اشتباكات الساحل السوري يضع الحزب في مواجهة مع الحقائق العسكرية على الأرض، التي تشير إلى دور متزايد له في تأمين مناطق النظام السوري وحمايتها من هجمات المعارضة. كما يطرح هذا الموقف تحديات جديدة للحزب في علاقاته مع الأطراف الإقليمية والدولية، التي تراقب تحركاته عن كثب.
من غير الواضح كيف ستتطور الأوضاع في سوريا، وما إذا كان نفي حزب الله هذا سيؤثر على مجريات الأحداث في الساحل السوري. ما هو مؤكد، أن التصعيد العسكري في المنطقة سيبقى محط أنظار العالم، مع توقعات بمزيد من التوترات والمواجهات في المستقبل.
في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل سيستمر حزب الله في نفي أي علاقة له بالصراعات السورية، أم أنه سيضطر إلى توضيح موقفه بشكل أكثر صراحة في المستقبل القريب؟