اعداج/محمد الفحله
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، وفي خضم المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، أكدت مصر مجددًا على رفضها القاطع لبقاء القوات الإسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة خلال فترة الهدنة، معتبرة أن هذا الوجود يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي وتعديًا على السيادة الفلسطينية.
موقف مصري راسخ
وجاء الموقف المصري منسجمًا مع الخطوط الحمراء التي لطالما التزمت بها القاهرة في إدارتها للملف الفلسطيني، خاصة فيما يتعلق بمراعاة الأبعاد الإنسانية والسياسية والأمنية. وأكدت مصادر دبلوماسية أن مصر أبلغت جميع الأطراف الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر، أن انسحاب القوات الإسرائيلية من رفح شرط أساسي لإنجاح أي اتفاق لوقف إطلاق النار.
كما شدد مسؤول مصري رفيع على أن بقاء إسرائيل في رفح بعد بدء الهدنة “يُقوّض الثقة في الاتفاق ويفتح الباب أمام تفجّر الأوضاع من جديد، كما يُعد مخالفة صريحة للتفاهمات التي جرت خلال جولات التفاوض الأخيرة في القاهرة والدوحة.”
🎯 أبعاد الموقف المصري
الموقف المصري لا يأتي من فراغ، بل يُبنى على جملة من الاعتبارات أبرزها:
-
رفض تكرار سيناريو اجتياح رفح الذي أوقع مئات الشهداء وأدى إلى دمار واسع في البنية التحتية.
-
حماية الأمن القومي المصري، لا سيما أن مدينة رفح الفلسطينية تقع بمحاذاة الحدود المصرية وتجاورها مدينة رفح المصرية في شمال سيناء.
-
التزام مصر بدورها كوسيط نزيه وضامن للهدنة، وهو ما يتطلب التزامًا واضحًا من كل الأطراف بشروط وقف إطلاق النار الكامل.
التنسيق الإقليمي والدولي
تواصل مصر تنسيقها الوثيق مع الدول الراعية للمفاوضات، وعلى رأسها قطر والولايات المتحدة، إلى جانب اتصالات مستمرة مع الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية. وتحرص القاهرة على ضمان وقف شامل لإطلاق النار، يعقبه إدخال مساعدات إنسانية واسعة وإعادة إعمار غزة، مع التأكيد على عدم فرض وقائع جديدة على الأرض من قبل الاحتلال.
كما حذّرت مصر من أن أي محاولة إسرائيلية للتمسك بالبقاء في رفح ستؤدي إلى تعقيد المشهد وتجميد التفاهمات، ما قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر ويُطيل أمد المعاناة الإنسانية في غزة.
نظرة إلى الأمام
الموقف المصري يُعد تجسيدًا للدور المركزي الذي تلعبه القاهرة في القضايا الإقليمية الكبرى، ويعكس حرصها على حماية استقرار المنطقة ومنع انفجار الأوضاع الإنسانية، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط. وتُواصل القيادة المصرية جهودها الدبلوماسية لضمان هدنة شاملة ومستدامة، يكون فيها الحل السياسي هو الأساس، والعدالة للشعب الفلسطيني هدفًا لا تنازل عنه.