اعداد:محمد الفحله
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واحتدام الصراع بين قوى إقليمية فاعلة، يأتي إعلان الجيش المصري عن جاهزيته التامة لحماية البلاد ومواجهة أي تهديدات محتملة، ليؤكد على مركزية الدور الذي تضطلع به المؤسسة العسكرية في حفظ أمن واستقرار الدولة المصرية.
فمع اشتعال الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، وتداعياته المحتملة على الأمن القومي العربي، فإن القاهرة تنظر إلى محيطها بعيون يقظة واستراتيجية محسوبة، تحسبًا لأي ارتدادات قد تطال المنطقة بأسرها، وعلى رأسها شبه جزيرة سيناء وحدود مصر الشرقية.
الجيش المصري، الذي حافظ على قدراته وردعيته طيلة العقود الماضية، يرسل اليوم رسائل واضحة مفادها أن السيادة الوطنية خط أحمر، وأن كل محاولات زعزعة الاستقرار الداخلي أو التأثير على الأمن القومي ستُقابل بحزم وقوة. تصريحات المتحدث العسكري الأخيرة، والتي شدد فيها على "الاستعداد الكامل لمجابهة أي سيناريوهات"، جاءت بمثابة تطمينات للرأي العام المصري، وتأكيد على أن القوات المسلحة ترصد وتتابع التطورات الإقليمية بدقة واحتراف.
هذا الاستعداد لا يقتصر على التصريحات، بل يتجسد أيضًا في الواقع من خلال مناورات عسكرية نوعية، وتحديث مستمر في أنظمة التسليح، وتعاون دفاعي مع شركاء إقليميين ودوليين. كما أن التواجد العسكري المكثف في سيناء يعكس توجهًا مصريًا راسخًا بالحفاظ على أمن هذه المنطقة الحيوية، خاصة في ظل الحديث عن مخططات تهجير قسري للفلسطينيين باتجاه أراضٍ مصرية، وهو أمر ترفضه القاهرة جملةً وتفصيلاً.
سيناريوهات محتملة: بين الاحتواء والتصعيد
تحليل الأوضاع الراهنة يفتح الباب أمام عدة سيناريوهات محتملة.
السيناريو الأول والأكثر تفاؤلاً يتمثل في احتواء التصعيد الإيراني الإسرائيلي بوساطة دولية، ما يخفف من احتمالات اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق، وفي هذه الحالة ستستمر مصر في مراقبة الوضع دون الانخراط المباشر، مع الحفاظ على جهوزيتها.
أما السيناريو الثاني، فهو التصعيد المفتوح، الذي قد يشمل ضربات متبادلة تطال دولاً مجاورة أو مسارات الشحن في البحر الأحمر، ما سيستدعي من مصر إعادة تموضع استراتيجي، وتأمين مناطقها الحيوية خصوصًا في قناة السويس وسيناء.
السيناريو الأكثر خطورة، يتمثل في محاولات فرض واقع جديد في غزة أو سيناء عبر عمليات تهجير أو تدخلات غير شرعية، ما قد يدفع القاهرة إلى تحركات دبلوماسية وعسكرية حازمة، وهو أمر حذرت منه القيادة المصرية أكثر من مرة.
في جميع الحالات، يبقى عنصر الحذر والتخطيط المسبق هو العامل الحاسم في استراتيجية الجيش المصري، التي تراهن على قوة الردع، دون الوقوع في فخ الاستنزاف.