تم نسخ الرابط

القراءة في العصر الرقمي: بين الورق والشاشة… من ينتصر؟

القراءة في العصر الرقمي: بين الورق والشاشة… من ينتصر؟

بورسعيد - Mohamed Elfahla نشر فى: 2025-04-13 10:18:19 اخر تحديث: 2025-04-13 10:18:19

بقلم: محمد الفحله

في عصرٍ تتزاحم فيه الشاشات على نوافذ يومنا، تتوارى مشاهد القراء المنغمسين بين صفحات الكتب الورقية خلف سطوع الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. تغيّرت عادات القراءة، وتبدلت الوسائط، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل تغيّرت قيمة القراءة ذاتها؟ أم أن الوسيط هو ما ألقى بظلاله على التجربة؟

الشاشة تفرض حضورها

ظهور الأجهزة الذكية وتطبيقات الكتب الإلكترونية أتاح فرصة القراءة في أي وقت ومكان، مما ساهم في انتشار الثقافة الرقمية. لم يعد القارئ مضطرًا لحمل كتاب ورقي، إذ باتت آلاف العناوين متوفرة بلمسة واحدة. القراءة الإلكترونية منحتنا حرية التنقل، والبحث، والتفاعل، لكنها — في المقابل — طرحت تحديات جديدة تتعلق بعمق التركيز وجودة الاستيعاب.

للورق سحر لا يُمحى

ورغم سطوة التقنية، لا يزال للكتاب الورقي حضوره الفريد. التجربة الحسية التي يوفرها الورق — من رائحة الصفحات، إلى ملمس الغلاف، إلى لحظة التفرغ التام للقراءة بعيدًا عن إشعارات الأجهزة — تبقى عصية على الاستبدال. ولعل في العودة المتكررة إلى معارض الكتب، وازدهار بعض المكتبات المستقلة، ما يشير إلى تمسّك الكثيرين بعلاقة وجدانية مع الورق لا تنكسر بسهولة.

اختلاف لا يعني صراعًا

لا يجب أن يُنظر إلى العلاقة بين القراءة الورقية والرقمية كصراع صفري. فهما في الواقع وسيلتان متكاملتان تخدمان الهدف الأسمى: ترسيخ عادة القراءة. قد نلجأ للقراءة الإلكترونية في السفر أو العمل، بينما نحتفظ بالكتاب الورقي لمتعة القراءة المتأنية في زوايا البيت أو في جلسة مقهى هادئة.

الجيل الجديد… كيف يقرأ؟

التحول الرقمي غيّر أيضًا طريقة تفاعل الأجيال الجديدة مع المحتوى. جيل نشأ على التمرير السريع والإيقاع البصري المتسارع قد لا يجد في القراءة الورقية جاذبية كافية. وهنا تبرز الحاجة لإعادة صياغة العلاقة مع الكتاب، من خلال مبادرات مبتكرة تحاكي أسلوبهم في التفاعل، دون أن تفرّغ القراءة من مضمونها العميق.

القراءة باقية… بأي وسيلة

ما بين الورق والشاشة، يبقى السؤال الحقيقي: هل نقرأ؟ فالخطر الحقيقي لا يكمن في تغيير الوسيط، بل في اختفاء الفعل ذاته. قد تتغير الوسائل، تتطور، أو تتراجع، لكن القيمة الجوهرية للقراءة كنافذة على الذات والعالم، كفعل إنساني مقاوم للسطحية، يجب أن تظل محفوظة.