في خضم تعقيدات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تبرز مصر كفاعل رئيسي في الساحة الإقليمية والدولية، حيث تُواصل القيادة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تحركات دبلوماسية مكثفة لاحتواء الأزمات المتكررة في فلسطين، وتعزيز الحلول السياسية العادلة، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني.
*دبلوماسية الوساطة: جسر الثقة بين الأطراف* لعبت مصر دورًا محوريًا في السنوات الأخيرة كوسيطٍ غير مباشر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، لا سيما في ملفات تهدئة القطاع المحاصر. ففي مايو 2021، نجحت الجهود المصرية في إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة بعد 11 يومًا من القتال، عبر وساطة أدت إلى هدنةٍ استمرت لشهور. كما كانت القاهرة محطةً دائمةً لقيادات حماس والجهاد الإسلامي لبحث آليات إنهاء الحصار وإعادة الإعمار.
في 2023، تصاعدت الجهود المصرية مجددًا مع اندلاع موجة عنف جديدة في الضفة الغربية وغزة، حيث أجرى الرئيس السيسي اتصالات مكثفة مع القيادة الفلسطينية وحلفاء مصر العرب والأوروبيين، داعيًا إلى "وقف التصعيد وضمان حقوق الفلسطينيين".
*معبر رفح: شريان حياة لغزة* لم تكتفِ مصر بالدور السياسي، بل حرصت على فتح معبر رفح بشكل متكرر لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة، رغم التحديات الأمنية. وفي أكتوبر 2023، أعلنت مصر عن إنشاء "ممر إنساني دائم" بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لتأمين وصول الإغاثة دون عوائق، وهو ما لاقى ترحيبًا دوليًا.
*التنسيق الإقليمي والدولي: تحالفات استراتيجية* تعمل مصر على تعزيز تحالفاتها مع الأردن ودول الخليج، خصوصًا عبر آلية "لجنة القدس" التابعة لجامعة الدول العربية، لمواجهة أي محاولات لتهويد المدينة المقدسة. كما دعت القاهرة إلى عقد "قمة القاهرة للسلام" في أكتوبر 2023، بحضور ممثلين عن 30 دولة ومنظمة دولية، لتوحيد الموقف تجاه حل الدولتين.
وفي المحافل الدولية، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد الرئيس السيسي مرارًا أن "الأمن الإقليمي لن يتحقق دون إنصاف الفلسطينيين"، منتقدًا الصمت الدولي تجاه الاستيطان والعنف.
*الدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار* إلى جانب الدعم السياسي، قدمت مصر مساعدات مادية مباشرة، حيث أعلنت في 2022 عن تمويل مشاريع إسكانية في غزة بقيمة 50 مليون دولار، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما استقبلت المستشفيات المصرية آلاف الجرحى الفلسطينيين على مدى السنوات الماضية. *التحديات والتعقيدات* رغم الجهود المصرية، تواجه القاهرة تحديات جمة، أبرزها: - *الانقسام الفلسطيني*: تعيق الخلافات بين فتح وحماس جهود التوصل إلى استراتيجية موحدة. - *الضغوط الإقليمية*: توازن مصر بين علاقاتها مع إسرائيل (خاصة في ملفي الغاز وسيناء) وموقفها الداعم للفلسطينيين. - *تعقيدات الملف الدولي*: مع تغيير التحالفات العالمية، وتراجع الاهتمام الأمريكي والأوروبي بالصراع.
*الخاتمة: طريق طويل نحو السلام* تبذل مصر جهودًا جبارة لإنقاذ القضية الفلسطينية من التهميش، مستندة إلى ثقلها التاريخي وقدراتها الدبلوماسية. لكن نجاح هذه الجهود مرهون بتضافر الإرادة الدولية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وضمان عدم إفلات إسرائيل من المحاسبة. الرئيس السيسي يكرر دائمًا: "مصر لن تدخر جهدًا لدعم أشقائها الفلسطينيين"، لكن الطريق إلى السلام ما يزال طويلًا وشائكًا.
--- هذا المقال يعكس التحركات المصرية حتى تاريخ نشرها، مع الإشارة إلى أن المشهد السياسي قد يشهد تطورات جديدة تتطلب متابعة دقيقة
|